أَفْتت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بتحريم التعصب للعبة كرة القدم، مؤكدة أن "من يتعصب للكرة بالتدمير والتخريب يجب عليه حدّ الحرابة حتى ولو لم يزهق روحًا"، سواء كان جزائريًّا أو مصريًّا.
جاءت هذه الفتوى تعليقًا على تداعيات منافسة منتخبي مصر والجزائر على التأهل لكأس العالم لكرة القدم لعام 2010، والتي شهدت تصعيدًا إعلاميًّا وتجييشًا للجماهير بطريقة غير مسبوقة.
وقال الشيخ محمد عبد العزيز، الأمين العام للجنة: "إنَّ التعصب الكروي إذا أدى للتدمير والإرهاب وإزهاق الأرواح فإنه يعدّ نوعًا من الإفساد في الأرض، ومن يتعصب للكرة بالتدمير يجب عليه حدّ الحرابة حتى ولو لم يزهق روحًا، سواء كان المتعصب القائم بتلك الأعمال جزائريًّا أو مصريًّا".
وأضاف: "التعصب لكرة القدم بإحداث التدمير والقتل والتخريب يدخل في باب الإفساد في الأرض الذي جاء في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَه وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْي فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَة عَذَابٌ عَظِيمٌ}".
وتأتي تلك الفتوى ردًّا على سؤال ورد للجنة من أحد المواطنين حول "قيام جزائريين باستهداف أفراد وشركات مصرية بالجزائر إثر فوز المنتخب المصري على منافسِه الجزائري السبت 14-11-2009 بهدفين مقابل لا شيء"، وهي الأخبار التي تناقلتها وسائل إعلام مصرية عقب المباراة.
في المقابل، كانت وسائل إعلام جزائرية قد اتهمت الجمهور المصري بالاعتداء على المنتخب الجزائري وجمهوره الذي جاء القاهرة لحضور المباراة التي كان من المفترض أن تحدّد أي الفريقين سيتأهل للمشاركة في كأس العالم 2010، وأفادت هذه التقارير بوقوع قتلى ومصابين في تلك "الاعتداءات". ونفى مسئولون من البلدين معظم ما ورد في هذه التقارير.
وأكَّد الأمين العام للجنة في فتواه أن "التعصب الكروي أمرٌ مذموم؛ لأن الله ذمَّ التعصب بكل أنواعه، وقال في الآية الكريمة: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّة حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّةِ}، فالعصبية نوع من الجاهلية الأولى التي لا يعرفها الإسلام، حتى إنها مرفوضة في الفقه بجميع مذاهبه".
واستطرد: "التعصب حرام بصفة عامة، وينبغي ردع صاحبه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟! قال: "تحجزه أو تمنعه من الظلم؛ فإن ذلك نصره".
وشدَّد على أن كرة القدم في أساسها هي لعبة لإبهاج الناس لا للإفساد في الأرض، ولا بد على الحكومات والدول أن تحمي الأبرياء؛ حيث لا بدَّ من فرض عقوبات مشددة لكل من يخرب أو يرهب مواطنين بسبب التعصب لكرة القدم.
ومن المرتقب أن تُجرَى مباراة أخرى حاسمة بين الفريقين الأربعاء 18 نوفمبر الجاري بالسودان، ويخشى مراقبون أن تشهد تصعيدًا لا يقلّ عما شهدته سابقتها