كتبت- هند محسن:
أكد خبراء القانون الدستوري وفقهاؤه أن شعار "الإسلام هو الحل" الذي يرفعه نواب ومرشحو جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب المقبلة، من أساس الدستور والقانون، ولا يتعارض معه، بل إنه شعار انتخابي بحت يتفق مع أحكام القضاء والمادتين 2 و40 من الدستور، مشيرين إلى أن الإخوان يهدفون منه إلى تطبيق الشريعة الإسلامية التي هي أحد مقاصد الدستور المصري.
وقالوا لـ(إخوان أون لاين) إن ما يردِّده الحزب الوطني بعدم دستورية الشعار ومخالفته للقانون لا أساس له من الصحة، مطالبين الوطني بأن يراجع أحكام القانون والقضاء الذي أثبت قانونية الشعار.
ففي عام 2005م حصل الإخوان المسلمون على حكم من محكمة القضاء الإداري بجواز استخدام الشعار في الحملات الانتخابية؛ لعدم تعارضه مع الدستور أو القانون؛ حيث إنه يتبنَّي مادة رئيسية في الدستور، وهي المادة 2 التي تنص على أن: "الإسلام دين الدولة الرسمي، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".
كما حسمت المحكمة الإدارية العليا عام 2007م شرعية استخدام شعار "الإسلام هو الحل" في انتخابات الشورى بذات العام، عندما رفضت طلب اللجنة العليا بشطب بعض مرشحي الإخوان الذين استخدموا هذا الشعار.
كما أصدرت محكمة القضاء الإداري أكثر من حكم قضائي نهائي يؤكد أن هذا الشعار يتفق مع أحكام المادة 2 من الدستور الحالي، كما أنه لا يخالف التعديلات الدستورية الأخيرة، إضافةً إلى أنه يُعبِّر عن هويَّة الدولة والأمة، ولا يتعارض مع مبدأ المواطنة التي تعني التساوي في الحقوق والواجبات، وعدم التفرقة بين المواطنين على أساس الاعتقاد أو اللون أو الجنس، طبقًا لمواد الدستور؛ ما يؤكد أن أحكام القضاء استقرت على أن شعار "الإسلام هو الحل" شعارٌ انتخابيٌّ لا يتضمن سوى الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، التي هي أحد مقاصد الدستور المصري.
بدايةً.. أَوْضَحَ المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن الدستور ينص في مواده على أن الإسلام هو دين الدولة، وأن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع فيها، وهذا يعبر عن دلالات مهمَّة من الناحية السياسية؛ حيث إن الأغلبية العظمى تدين بالإسلام دينًا، كما أن القانون يستمدُّ أحكامه من مبادئ الشريعة، ولا يوجد أي مبدأ غير مقنَّن، اللهم إلا ما يتعلق بالحدود السبعة فقط؛ لذا فإن مَن يرفع هذا الشعار أو يؤيده لا يخالف الدستور أو القانون.
وأضاف أنه خلال العمل السياسي هناك يبرز التنافس بين المرشحين للانتخابات في مجلسي الشعب والشورى في تحقيق حلِّ المشكلات والأزمات في كلِّ المجالات التي تهم المواطنين، ولأجل هذا يتم الإعداد لبرامج تنافسية لتغيير مثل هذه الأوضاع.
د. إبراهيم درويش
كما أكد الدكتور إبراهيم درويش، أستاذ القانون الدستوري والرقابة الدستورية بجامعة القاهرة، أن شعار "الإسلام هو الحل" لا غبار عليه ولا يمثل مشكلة قانونية أو مخالفة دستورية، كما أنه لا يُعدُّ مصدر قلقٍ للمجتمع أو القيم، بل هو مقبول لكونه تعبيرًا لمجموعة ما عن أفكارها وبرامجها، بما يكفله لها الدستور من حرية التعبير بكل صوره.
وأضاف أن مَن يحاول أن يصوِّر أن هذا الشعار مخالفٌ للدستور ولتعليمات اللجنة العليا للانتخابات- التي تُعدُّ في الأصل مجرد لجنة إجرائية- ومحاولة وضعه تحت بند الشعارات الدينية المحظورة في الانتخابات؛ هو يقوم بالمصادرة على الحرية، ويخالف أحكام القضاء التي أجازت الشعار، ومنحته الشرعية والدستورية، وبالتالي لا يجوز منعه أو التعسف على مَن يرفعه.
وتابع د. درويش: "إن الشعار ما هو إلا تعبير عن الإرادة والرأي لفئة لها حقوق وواجبات كبقية الشعب المصري، فهم مارسوا حقهم كما مارسه الحزب الوطني الحاكم عندما رفع شعاراته الفارغة الغامضة، التي لم ينفَّذ حرفًا منها"، مشيرًا إلى أنه إن صدر حكم قضائي- وهذا لم يحدث في واقع الأمر- فسيكون باطلاً ومخالفًا للدستور، بل على العكس تمامًا جاءت جميع الأحكام لتؤكد دستورية الشعار وقانونيته.
كما رأى الفقيه الدستوري الدكتور ثروت بدوي، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، أن شعار "الإسلام هو الحل" سليم لا تشوبه شائبة، وأن منعه أمر غير مشروع لعدة أسباب؛ منها: أن رفع الشعارات هو جزء لا يتجزأ من حرية الرأي والتعبير والعقيدة، فلا يمكن أبدًا بأي حال من الأحوال أن يُتهم إنسان بمخالفته الدستور؛ لأنه أعلن أنه يرى في الإسلام حلاًّ لجميع مشكلاته، وطريقًا له في حياته، ومنها أيضًا: أن "الإسلام" مقرّر في الدستور المصري دينًا للدولة، وبالتالي لا توجد ثَّمة مخالفة للقانون من رفع مثل هذا الشعار، وذلك وفقًا للمادتين 2 و40 من الدستور.
أحمد أبو بركة
في حين أيّد النائب الدكتور أحمد أبو بركة، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين وعضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، أن شعار "الإسلام هو الحل" لا يُمثِّل أيةَ مخالفة لما نص عليه الدستور أو صحيح القانون؛ حيث إن جوهره يتضمن التطبيق العملي لنص المادة 2 من الدستور، خاصةً ما يحمله من مبادئ مقررة بموجب المواد 7، 8، 40 من الدستور، والتي تنص على أن: "يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي"، و"تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين"، و"المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة"، وهو ذاته ما قرَّره القضاء المصري وقضى بدستورية الشعار وقانونيته، بعدما طالبت اللجنة العليا للانتخابات في انتخابات الشورى عام 2007م شطب المرشحين الذين يحملون هذا الشعار.
ونفى أبو بركة أن يُقصد من هذا الشعار ما نصت عليه المادة 5 من الدستور، التي تحظر الشعارات الدينية أو مباشرة أي نشاط سياسي على أية مرجعية دينية، ولا ما نص عليه قانون مباشرة الحقوق السياسية بعد تعديله، مشيرًا إلى أن الشعار يتوافق بالكامل مع كل المبادئ الدستورية الحاكمة التي نصَّ عليها دستور عام 1971م.
وأكمل أبو بركة قائلاً: "إن شعار "الإسلام هو الحل" تؤيده الكثير من أحكام القضاء، سواء من القضاء الإداري بمجلس الدولة أو من القضاء العالي؛ حيث حسمت هذه الأحكام صحيح القانون في هذه الشأن، ولم تَدَعْ مجالاً للشك فيه أو الحديث عنه مُجددًا، ومنها أحكام محاكم الجنح التي قُدِّم إليها بعض الأفراد في عام 2007م، بدعوى أنهم يرفعون شعار "الإسلام هو الحل" أو يدعون إليه أو يُعلِّق أنصارهم دعاية لهم تحمله؛ وجاء في حيثيات حكمها أن الشعار جاء منبثقًا من المادة 2 من الدستور، ولا يحمل أي اتجاه تمييزي أو طائفي أو حتى عنصري".