فوجئ أبو همامٍ عندما دخل بيته عصر ذلك اليوم بأم همامٍ تصرخ بأطفالها صراخاً جنونياً.
سكن البيت حين دخل وغاب طفلاه –خولة وهمام في مكانٍ بعيدٍ من البيت، واقترب أبو همامٍ من زوجه وقال لها بلطفٍ: خير إن شاء الله؟!!
صرخت في وجهه: ولداك لا يسمعان الكلمة، إنهما يتخاصمان دائماً،
أجابها:
- حسناً.. حسناً.. اذهبي واستريحي، وسوف يصلح الله لك ولديك إن شاء الله.
انكمش الطفلان، واقشعر جلداهما من الخوف: ماذا سيفعل بهما أبوهما؟!! سيغضب منهما لا شك. ناداهما:
- خولة وهمام. أين أنتم يا بابا..
أسرعا لتلبية ندائه وهما خائفان. ابتسم لهما بسمةً خفيفةً حتى يطمئنا، ثم صاح بهما:
- قبّلا يدي أمكما أيها العفريتان، كيف تغضبان أمكما؟!!.
ضحكت الأم، وذهب خوف الطفلين, راحا يقبلان يدي أمهما وينظران إليها نظرةً خفية. ليعرفا ماذا ستفعل؟. صاح أبو همام :
- سأضربكما بهذا القلم إن لم تسامحكما أمكما.
ضحكت الأم، وساد السرور العائلة كلها.
جلس الجميع إلى الطعام، كانوا جميعاً مسرورين إلا أبا همامٍ الذي كان مستغرقاً في تفكيرٍ عميق: كيف يجعل طفلته خولة، وطفله هماماً لا يزعجان أمهما.
يجب أن يطيعا أمرها، ويجب أن يحسنا إليها، ويتأدبا معها، وأخيراً وصل إلى خطةٍ رائعةٍ عزم على تنفيذها.
أمسك بالملعقة، وأراد أن يبدأ الطعام، بحث عن الخبز فلم يجد خبزاً، التفت إلى أم همامٍ كأنه يسألها عن الخبز، فناولته قطعة خبزٍ يابسةٍ وهي تقول له:
- ذهب همام إلى الفرن كي يشتري خبزاً، فأعجبه منظر السيارات والدراجات في الشارع فوقف يتفرج أكثر من ساعتين ثم عاد إلينا وقد أضاع ثمن الخبز. فلما ذهبت خولة إلى الفرن وجدت الخبز قد نفد.
أطرق همام رأسه، بينما رفعت خولة رأسها كأنها تعتز بما صنعته.
أكل الجميع طعامهم بالخبز اليابس، ثم غسلوا وجوههم وأيديهم، وجلس أبو همامٍ في زاوية الغرفة وقفز همام إلى حضنه، بينما جلست خولة عن يمينه، وصاحا معاً:
- جاء وقت الحكايات يا بابا، وبدأت الحكاية.
قصص للتربية
كان ياما كان، في قديم الزمان، كان هناك ولدان، واحد اسمه مطيع، والثاني اسمه عاصي، عاصي كان لا ينفذ ما يريده الله، كان وسخاً، وكان مؤذياً وكان يغضب والديه.
أطرق الطفلان، وتابع الوالد:
- أما مطيع فكان يحب أمه، ويحب أباه، ويسمع كلامهما، ولا يفعل إلا ما يأمره الله به.
صاح أبو همامٍ:
- من يعرف ما هي أعظم الأعمال التي كان يقوم بها مطيع؟!!
صاح همام: أنا أعرف، كان يحب أمه.
بينما صرخت خوله:
- كان يأتي بالخبز من الفرن، ولا يتلهى في الشارع.
أطرق همام رأسه، وتمنى أن يغفر الله له ذنوبه، فلا يعصي أمه أبداً. همس أبو همامٍ:
- لا.. لا.. هذه أعمالٌ جميلةٌ، لكن هناك عملاً أعظم منها، أتعرفان ما هي؟!!..
صمت الطفلان، وهمس أبو همامٍ:
- كان مطيع يعمل عملاً يغسله من ذنوبه كل يومٍ خمس مراتٍ.
تمنى همام أن يغتسل من ذنبه الذي ارتكبه حين لم يطع أمه. قال بلهفةٍ:
- وماذا يفعل يا بابا.. أرجوك قل لي لأعمل مثله؟!
أجابه: كان يصلي يا بابا.. ألا تعرفان ما هي الصلاة؟
هتفا معاً: نعرف.. نعرف.. يا بابا.. كما تفعل أنت عندما يؤذن المؤذن.
صاح همام: أنا أحفظ الفاتحة يا بابا..
وهمس أبو همامٍ:
- هل تريد يا همام أن يغسلك الله من ذنوبك؟!..
صاحت خولة: وأنا أريد ذلك يا بابا.. علمنا ماذا نقرأ في الصلاة يا بابا؟!
همس أبو همامٍ: من يعرف معنى الآية الكريمة: وبالوالدين إحساناً؟
صاح همام متلعثماً: يعني على الأولاد أن يعاملوا أمهم وأباهم بشكلٍ حسنٍ.
وصاحت خولة: إن لم يحسن الولد معاملة أمه وأبيه فماذا يجري له يا بابا؟!
أجابها: يشقيه الله في الدنيا يا خولة، ويعذبه في النار يوم القيامة.
همس أبو همامٍ: احفظا هذه الآية: وبالوالدين إحساناً. واقرآها في كل صلاة، وكل من يكررها بعد الصلاة عشر مرات، فله مني ليرة كاملة. بشرط أن يعمل عملاً طيباً مع أمه بعد كل صلاة.
[/size]